الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **
*2* 609- تَرَكَ الظَّبْيُ ظِلَّلُه. الظلل ههنا: الكِنَاسُ الذي يستظل به في شدة الحر فيأتيه الصائدُ فيثيره فلا يَعُود إليه، فيقال "ترك الظبي ظِلَّه" أي موضع ظله. يضرب لمن نَفَر من شيء فتركه تركاً لا يعود إليه، ويضرب في هَجْر الرجل صاحبَه. 610- تَرَكْتُهُ عَلَى مِثْلِ مَقْلَع الصَّمْغَةِ. أي تركْتُه ولم يَبْقَ له شيء لأن الصَّمْغ إذا قلع لم يبق له أثر. ومثله قولهم: 611- تَرَكْتُهُ عَلَى مِثْلِ لَيْلَةِ الصَّدَرَ. وهي ليلة يَنْفِرُ الناسُ من منًى فلا يبقى منهم أحد. ومثلُهما: 612- تَرَكْتُهُ عَلَى أَنْقَى مِنَ الرَّاحَةِ. أي على حال لا خَيْرَ فيه كما لا شَعْرَ على الراحة. وكلها يضرب في اصْطِلاَمِ الدهرِ الناسَ والمالَ. [ص 122] 613- تَرَكَ الخِدَاعَ مَنْ أَجْرَى مِنْ مائَةٍ. أي من مائة غَلْوة، وهي اثنا عشر مِيلا، قال الأصمعي: يجري الجُذْعَانُ أربعين، والثُّنْيَانُ ستين، والرّبَعُ ثمانين، والقُرَّحُ مائة، ولا يجري أكثر من ذلك. وهذا من كلام قيس بن زُهَير، قاله لِحُذَيفة بن بَدْر يوم دَاحِس: أي لو كان قَصْدي الخِدَاع لأجريت من قريب. 614- تمَامُ الرَّبِيِع الصَّيْفُ. أي تظهر آثار الربيع في الصيف كما قيل: الأعمال بخَوَاتيمها، والصيف المطر يأتي بعد الربيع. يضرب في استنجاح تمام الحاجة. 615- تَرْكُ الذَّنْبِ أيْسَرُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبةِ. يضرب لما تركُه خيرٌ من ارتكابه. 616- تَرَكَنِي خِبْرَةُ النَّاسِ فَرْداً. الخِبرة: الاسم من الاختبار، ونصب "فردا" على الحال. 617- تَصْنَعُ فِي عَامَيْنِ كُرُزاً مِنْ وَبَرٍ. الكرز: الجُوَالق. يضرب مثلا للبَطِئ في أمره وعمله. 618- تَجَنَّبَ رَوْضَةً وأحالَ يَعدُو. يضرب لمن اختار الشقاء على الراحة، وأحال: أي أقبل. 619- تَجُوعُ الحُرَّةُ وَلاَ تَأكُلُ بِثَدْيَيْهَا. أي لا تكون ظِئْراً وإنْ آذاها الجوع، ويروى "ولا تأكل ثدييها" وأول من قال ذلك الحارث بن سليل الأسَدِي، وكان حليفا لعَلْقَمَة بن خَصَفة الطائي، فزارَُه فنظر إلى ابنته الزَّبَّاء - وكانت من أجمل أهل دهرها - فأعْجِبَ بها، فقال له: أتيتُكَ خاطبا، وقد ينكح الخاطب، ويدرك الطالب، ويمنح الراغب، فقال له علقمة: أنت كُفْءٌ كريم، يقبل منك الصَّفْو، ويؤخذ منك العَفْو، فأقِمْ ننظر في أمرك، ثم انكفأ إلى أمها فقال: إن الحارث بن سليل سيدُ قومه حَسَبا ومَنْصِباً وبيتا، وقد خطب إلينا الزبَّاء فلا ينصرفَنَّ إلا بحاجته، فقالت امرأته لابنتها: أيُّ الرجالِ أحبُّ إليك: الكَهْلُ الجَحْجَاح، الواصِلُ المَنَّاح، أم الفتى الوَضَّاح ؟ قالت: لا، بل الفتى الوضاح، قالت: إن الفتى يُغِيرُك، وإن الشيخ يَمِيرُك، وليس الكَهْل الفاضل، الكثيرُ النائِل، كالحديث السنِّ، الكثير [ص 123] المَنِّ، قالت: يا أمتاه إن الفَتَاة تحبُّ الفتى كحبِّ الرعاء أنِيقَ الكَلاَ، قالت: أي بُنَية إن الفتى شديد الحِجاب، كثير العِتاب، قالت: إن الشيخ يُبْلِي شبابي، ويدنس ثيابي، ويُشْمت بي أترابي، فلم تزل أمها بها حتى غلبتها على رأيها، فتزوجها الحارث على مائة وخمسين من الإبل وخادم وألف درهم، فابْتَنَى بها ثم رَحَل بها إلى قومه، فبينا هو ذاتَ يوم جالسٌ بفِناء قومه وهي إلى جانبه إذ أقبَلَ إليه شَبَابٌ من بني أسد يعتلجون فتنفَّست صُعَداء، ثم أرْخَتْ عينيها بالبكاء، فقال لها: ما يُبْكِيكِ؟ قالت: مالي وللشيوخ، الناهضين كالفُرُوخ، فقال لها: ثَكِلَتْكِ أمُّكِ تَجُوع الحرة ولا تأكل بثدييها. قال أبو عبيد: فإن كان الأصل على هذا الحديث فهو على المثل السائر "لا تأكل ثدييها" وكان بعضُ العلماء يقول: هذا لا يجوز، وإنما هو "لا تأكل بثدييها" قلت: كلاهما في المعنى سَوَاء، لأن معنى "لا تأكل ثدييها" لا تأكل أجْرَةَ ثدييها، ومعنى "بثدييها" أي لا تعيش بسبب ثَدْييها وبما يُغِلاَّن عليها. ثم قال الحارث لها: أما وأبيك لرُبَّ غارةٍ شهدتها، وسَبِيَّة أردفتها، وخَمْرة شربتها، فالحقي بأهلك فلا حاجة لي فيك، وقال: تَهَزَّأت أنْ رَأتْنِي لابساً كِبَراً * وغايةُ الناس بين المَوْتِ والكِبَرِ فإن بقيتِ لقيتِ الشَّيْبَ راغمَةً * وفي التعرُّفِ ما يمضي من العِبَرِ وإن يكن قد عَلاَ رأسي وغَيَّره * صَرْفُ الزمانِ وتغييرٌ من الشَعرِ فقد أرُوحُ للذَّاتِ الفَتَى جَذِلا * وَقَدْ أصِيبُ بها عِيناً من البَقَرِ عَنِّي إليكِ فإني لا تُوَافِقُنِي * عُورُ الكلام ولا شُرْبٌ على الكَدَرِ يضرب في صيانة الرجل نفسه عن خسيس مكاسب الأموال. 620- تَحْسَبُها حَمْقَاءَ وَهْيَ باخِسٌ. ويروى "باخسة" فمن روى باخس أراد أنها ذات بَخْس تَبْخَسُ الناسَ حقوقَهم، ومن روى "باخسة" بناه على بَخَسَتْ فهي باخسة. يقال: إن المثل تكلم به رجلٌ من بني العَنْبَر من تميم، جاورته امرأة فنظر إليها فحسبها حمقاء لا تعقل ولا تحفظ ولا تعرف مالها، فقال العنبري: ألا أخْلِطُ مالي ومَتَاعي بمالها ومتاعها ثم أقاسمها فآخذ خيرَ متاعها [ص 124] وأعطيها الرديء من متاعي، فقاسمها بعد ما خَلَط متاعه بمتاعها، فلم ترض عند المُقَاسَمة حتى أخَذَتْ متاعها، ثم نازعته وأظهرت له الشكوى حتى افْتَدَى منها بما أرادت، فعُوتِبَ عند ذلك، فقيل له: اخْتَدَعْتَ امرأة، وليس ذلك بِحَسَنِ، فقال: تحسَبُها حَمْقَاء وهي باخسة. يضرب لمن يتباله وفيه دهاء. 621- تَرَكْتُهُ فِي وَحْشِ إِصْمِتَ، وَبِبَلْدَةِ إِصْمِتَ، وَفي بَلْدَةِ إِصْمِتَةَ. أي في فلاةٍ. يضرب للوَحِيد الذي لا ناصر له. 622- تَركْتُهُ باسْتِ المَتْنِ. المَتْن: ما صَلُب من الأرض، أي تركته وحيدا. 623- تَاللّهِ لَوْلاَ عِتْقُهُ لَقدْ بَلِىَ. العِتْق: العَتَاقة، وهي الكَرَم .يضرب للصَّبُور على الشدائد. 624- تَذَكَّرَتْ رَيَّا وَلَداً. رَيًّا: اسم امرأة . يضرب لمن يَتَنَبَّهُ لشيء قد غَفَل عنه. 625- تَعْجِيلُ العِقابِ سَفَهٌ. أي إن الحليم لا يعجل بالعقوبة. 626- تَشَدَّدِي تَنْفَرِجِي. الخطاب للداهية: أي تَنَاهِي في العظم والشدة تذهبي . يضرب عند اشتداد الأمر. 627- تِيهُ مُغَنٍّ وُظَرْفُ زِنْدِيقٍ. يروى هذا عن أبي نُوَاس، وأراد بقوله "ظَرفُ زنديق" مُطيعَ بن إياس، ولَقَّبه بذلك بشار بن برد، وكان إذا وصَف إنساناً بالظَّرْف قال: أظْرَفُ من الزنديق، يعني مُطيعاً، لأن من تزندق كان له ظَرْف يُبَاين به الناس، ومن قال "فلان أظرف من زنديق" فقد غلط. 628- تَسْألُني بِرَامَتَيْنِ سَلْجَماَ. رَامة: موضع بقرب البَصْرة، والسلجم: معروف، قال الأزهري: هو بالسين غير معجمة، ولا يقال شلجم ولا ثلجم، وضم رامة إلى موضع آخر هناك فقال "برامتين" كما قال عنترة. شَرِبَتْ بماء الدُّحْرُضَيْنِ* وإنما هو وَسِيع ودُحْرُض، وهما ماآن أو موضعان، فثنى بلفظ أحدهما، كما يقال: القَمَرَان، والعُمَرَانِ. يضرب لمن يطلب شيئاً في غير موضعه. [ص 125] 629- تَجَشَّأ لقمانُ مِنْ غَيْر شِبَعِ. تجشَّأ: أي تكلَّف الجْشاَء . يضرب لمن يَدَّعي ما ليس يملك. ويقال "تجشَّأ لقمان من غير شِبَع، من عُلْبَتَين وثمانٍ ورُبَع" قال أبو الهيثم: فهذه عشر علب مع رُبَع لم يَعُدَّها لقمان شيئاً لكثرة حاجته إلى الأكل وقد تجشأ تجشُّؤ غير الشبعان. 630- تُخْبِرُ عَنْ مَجْهُولِه مَرْآتُهُ. أي مَنْظَره يخبر عن مَخْبَره. 631- تَسقُطُ بِه النَّصِيحَةُ عَلَى الظِّنَّةِ. أي كثرة نصيحتك إياه تحمله على أن يتهمك. 632- تُعَلِّمُنِي بِضَبّ أَنا حَرَشْتُهُ. تعلمني بمعنى تُعْلِمُنِي: أي تخبرني، ولذلك أدخل الباء كقوله تعالى يضرب لمن يخبرك بشيء أنت به منه أعلم. 633- تَحَمَّدِي يا نَفْسُ لا حَامِدَ لَكِ. أي أظهر حمد نفسك بأن تفعل ما تُحْمَد عليه، فإنه لا حامد لك ما لم تفعله. 634- تَنْزُو وُتَلِينُ. هذا من النَّزْو والنَّزَوان، وهما الوَثْب، وليس من النِّزَاء الذي هو السِّفاد، وربما قالوا "تَنْزُو وتلين، وتؤدي الأربعين". ذكروا أن أعرابياً حُبِس فقال: ولما دَخَلْتُ السجْنَ كَبَّرَ أهلُه * وقالوا: أبو ليلى الغَدَاةَ حَزِينُ وفي الباب مكتوب على صَفَحَاته * بأنك تَنْزُو ثم سَوْف تلين. 635- تَخَرَّسِي يا نَفْسُ لا مُخَرِّسَ لَكِ. أي اصْنَعِي لنفسك الْخَرْسَةَ، وهي طعام النَّفَسَاء نفسها، قالته امرأة وَلَدَتْ ولم يكن لها من يهتمُّ بشأنها. 636- تَحتقِرُهُ وَيَنْتَأْ. يقال: نَتَأَ الشيء إذا ارتفع يَنْتَأ نُتُوءاً . يضرب لمن يحتقر أمرا وهو يعظم في نفسه. 637- تَرْفَضُّ عِنْدَ المُحْفِظَاتِ الكَتَائِفُ. تَرْفَضُّ: أي تتفرق، والمُحْفِظَات: المُغْضِبات، والحَفيظة والحِفْظَة: الغضب، والكتائف: السَّخَائم والأحْقَاد . يقول: إذا رأيتَ حَمِيمَك يُظْلَم أغضبك ذلك فتنسى حِقْدَكَ عليه وتنصره. 638- تَضْرِبُ فِي حَدِيدٍ بارِدٍ. يضرب لمن طَمِعَ في غير مَطْمَع. [ص 126] 639- تَمَنُّعِي أَشْهى لَكَ. أي مع التأبِّي يقعُ الحرصُ، وأصله أن رجلا قال لامرأته: تمنَّعِي إذا غازلْتُكِ يكن أشهى: أي ألذ. يضرب لمن يظهر الدَّلاَل ويُغْلى رخيصَه. 640- تَمَرَّدَ مارِدٌ وَعَزَّ الأْبَلُق. مارد: حِصْن دُومَة الْجَنْدل، والأبلق: حصن للسموءل بن عَادِيا، قيل: وصف بالأبلَق لأنه بنى من حجارة مختلفة الألوان بأرض تَيْماء، وهما حصنان قصدتهما الزباء ملكة الجزيرة فلم تقدر عليهما، فقالت: تمرَّدَ ماردٌ وعَزَّ الأبلق، فصار مثلا لكل ما يعز ويمتنع على طالبه، وعَزَّ: معناه غلب من عَزَّ يَعُزُّ، ويجوز أن يكون من عَزَّ يَعِزُّ. 641- تَلْدَغُ العَقْرَبُ وَتَصِئُ. يقال: صَأَى الفرخُ والخنزير والفأر والعقرب يَصِئ صَئِيًّا على فعيل، إذا صاح، وصَاءَ: مقلوبٌ منه. يضرب للظالم في صورة المتظلم. 642- تَشْكُو إِلَى غَيْرِ مُصَمِّتٍ. أي إلى من لا يهتمُّ بشأنك، قال: إنك لا تَشْكُو إلى مُصَمِّتِ * فَاصْبِرْ عَلَى الحمل الثَّقِيلِ أوْ مُتِ 643- تَجَاوَزَ الرَّوْضَ إِلَى القَاعِ القَرِقِ. يضرب لمن عَدَل بحاجته عن الكريم إلى اللئيم . والقَرِق: المُسْتَوِي. 644- تَحْمِي جَوَابِيَهُ نَقِيقُ الضِّفْدِعِ. الْجَوَابِي: جمع جَابِية، وهو الحوض . يضرب للرجل لا طائل عنده، بل كله قَوْل وبَقْبَقَة. 645- تَشَمَّرَتْ مَعَ الْجَارِي. يقال: تَشَمَّرتِ السفينةُ إذا انحدَرَت مع الماء، وشَمَّرْتُها أنا إذا أرسلتها. يضرب في الشيء يُسْتَهان به ويُنْسَى. وقائله كعب بن زُهَير بن أبي سُلْمى، قال ابن دريد: ليس في العرب سُلْمى بالضم إلا هذا، وزاد غيره وأبو سُلْمى رَبِيعَةُ بن رَبَاح بن قُرْط من بني مازن، قلت: والمحدِّثُون يَعُدُّون غيرهما قوما يطول ذكرهم، وإنما قال هذا المثلَ كعبٌ حين ركب هو وأبوه زُهَير سفينةً في بعض الأسفار، فأنشد زهير قصيدته المشهورة وهي *أمِنْ أمِّ أوْفى دِمْنَةٌ لم تَكَلَّمِ * وقال لابنه كعب: دُونَكَ فَاحْفَظْها، فقال: نعم وأمْسَيَا فلما أصبحا قال له: يا كعبُ ما فعلَتِ العقيلةُ؟ يعني القصيدة، قال: يا أبتِ إنها تشمّرَتْ مع الجاري، [ص 127] يعني نَسِيتُهَا فمرَّتْ مع الماء، فأعادها عليه، وقال: إن شَمَّرْتها يا كعب شَمّرْتُ بك على أثرها. 646- تَهِمُّ وَيُهَمُّ بِكَ. الهَمُّ: القَصْد. يضرب للمغترّ بعمله لا يخاف عاقبته. 647- تَركْتُهُمْ فِي كَصِيصَةِ الظّبْيٍ: قال اللحياني: كَصِيصَةُ الظبي مَوْضِعُه الذي يكون فيه، وقال غيره: هي كفته التي يُصَاد بها . يضرب لمن يضيق عليه الأمر، ومثلُه: 648- تَرَكْتُهْم فِي حَيْصٍ بَيْصٍ وَحِيصِ بِيصِ. ويقال حَيْصِ بَيْصِ وحَيْصٍ بَيْصٍ، فالْحَيْص: الفرار، والبَوْص: الفَوْت، وحَيْص من بنات الياء، وبَيْص من بنات الواو، فصُيِّرت الواو ياء ليزدوجا. يضرب لمن وقع في أمر لا مَخْلَص له منه فِرار أو فَوْتا. 649- تَلَبَدِي تَصِيدِي. التَّلَبُّدُ: اللصوق بالأرض لخَتْل الصيد ومعنى المثل احْتَلْ تتمكن وتظفر. 650- تَتابَعِي بَقَرُ. زعموا أن بشر بن أبي خازم الأسدي خرج في سنة أسْنَتَ فيها قومُه وجهدوا فمر بِصُوَار (الصوار - بزنة الكتاب والغراب - القطيع من البقر، والإجل - بكسرة الهمزة وسكون الجيم - القطيع من بقر الوحش) من البقر وإجْلٍ من الأرْوَى فذُعِرَتْ منه فركبت جَبَلاً وَعْراَ ليس له منفذ، فلما نظر إليها قام على شِعْب من الجبل، وأخرج قوسه، وجعل يشير إليها كأنه يرميها، فجعلت تلقى أنفسها فتكسر، وجعل يقول: أَنْتَ الَّذِي تَصْنَعُ مَا لَمْ يُصْنَعِ * أنْتَ حَطَطْتَ مِنْ ذَرَا مُقَنَّعِ كلَّ شَبُوب لَهِقٍ مُوَلَّعِ وجعل يقول: تتابعي بَقَرُ، تتابعي بَقَرُ حتى تكسَّرت، فخرج إلى قومه، فدعاهم إليها، فأصابوا من اللحم ما انتعشوا به . يضرب عند تتابع الأمر وسُرْعَة مره من كلام أو فعل متتابع يفعله ناس أو خيل أو إبل أو غير ذلك. 651- تَنْهَانَا أُمُّنَا عَنْ الْغَيِّ وَتَغْدُو فِيهِ. يضرب لمن يُحْسِنُ القولَ ويسئ الفعل. 652- تَطْلُبُ أَثَراً بَعْدَ عَيْنٍ. العَيْن: المعاينة. [ص 128] يضرب لمن ترك شيئا يَرَاه ثم تبع أثره بعد فوت عينه. قال الباهلي: أولُ من قال ذلك مالك ابن عمرو العاملي، قال: وذلك أن بعض ملوك غَسَّان كان يطلب في عاملَةَ ذَحْلاً، فأخذ منهم رجلين يقال لهما مالك وسِمَاك ابنا عمرو، فاحتبسهما عنده زمانا، ثم دعاهما فقال لهما: إني قاتل أحَدَكما فأيكما أقتل، فجعل كل واحد منهما يقول: اقتلني مكان أخي، فلما رأى ذلك قتل سماكا وخلى سبيل مالك، فقال سِماك حين ظن أنه مقتول: ألا من شَجَتْ ليلة عامدَهْ * كما أبداً ليلَةٌ واحدَهْ فأبْلِغْ قُضَاعة إن جِئْتَهم * وخُصَّ سَرَاة بني ساعدة وأبلغ نِزَاراً على نأيها * بأنَّ الرِّمَاحَ هي الْعَاِئَدْه وأقْسِمُ لو قَتَلُوا مالكا * لكُنْتُ لهم حَيَّةً رَاصِدَهْ برأس سبيل عَلَى مَرْقَبٍ * ويوماً على طُرُقٍ وَارِدَهْ فأمَّ سِمَاكٍ فَلاَ تَجْزَعِي * فَلِلْمَوْتِ مَا تلِدُ الوالده وانصرف مالك إلى قومه، فلبث فيهم زمانا، ثم إن رَكْباً مروا وأحدهم يتغنى بهذا البيت وأقْسِمُ لو قتلوا مالكا * لكنت لهم حَيَّةً رَاصِدَهْ فسمعت بذلك أم سماك فقالت: يا مالك قبح الله الحياة بعد سماك، اخْرُجْ في الطلب بأخيك، فخرج في الطلب، فلقى قاتل أخيه يسيرُ في ناسٍ من قومه، فقال: من أحَسَّ لي الجمل الأحمر، فقالوا له وعرفوه: يا مالك لك مائة من الإبل فكُفَّ، فقال: لا أطلب أثر بعد عين، فذهبت مثلا، ثم حمل على قاتل أخيه فقتله، وقال في ذلك: يا راكِباً بَلِّغاً ولا تَدَعاً * بني قُمَيْرٍ وإنْ هُمُ جَزِعُو فَلْيَجِدُوا مثلَ ما وَجَدْتُ فقد * كُنْتُ حَزِيناً قد مَسَّنِي وَجَعُ لا أسمع اللهوَ في الحديث ولا * ينفعني في الفِرَاشِ مُضْطَجَعُ لا وَجْدُ ثَكْلَى كما وَجَدْتُ ولا * وَجْدُ عَجُول أضَلَّها رُبَعُ ولا كبيرٍ أضَلَّ ناقَتَهُ * يوم تَوَافَى الحَجِيجُ واجْتَمَعُوا ينظر في أوْجِهُ الرِّكاب فلا * يَعْرِفُ شيئاً والوَجْهُ ملتمع [ص 129] جَلَّلْتُه صارمَ الحديدة كالـ * ـملح (كالملح) وفيه سَفَاسِقٌ لُمَعُ بين ضُمَيْرٍ وباب جِلِّقَ في * أثوايِهِ من دِمَائِهِ دُفَعُ أضْرِبُهُ بادياً نَوَاجِذُه * يدعو صَدَاه والرأسُ مُنْصَدِعُ بني قُمَير قَتَلْتُ سيدَكم * فاليومَ لا رَنَّةٌ ولا جَزَعُ فاليوم قُمْنَا على السِّوَاءِ فَإِنْ * تجرُوا فدهري ودهركم جَذَع.
|